شكرا اخي
اما انا فاعتقد الاتي
إن للقلب أنواع ثلاثة يصنف إليها، وهذه الأخيرة أخذت على أساس ثبات القلب على الطاعة أو تأرجحه بين الثبات والانحراف أو انحرافه تماما وفيما يلي سرد هذه الأنواع.
القلب الأول وخير مثال له - ولله المثل الأعلى – هو القلب العمري ويمكن تعريفه أنه ذلك الذي أقبل لله عز وجل بوجهه عليه وهو القلب المطمئن المراد بقوله تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" والمشار إليه في الآية التالية: "يا أيتها النفس المطمئنة" تكتنفه صفات وشمائل الخير كالرجاء والشكر، الرضا بالقدر، الحلم والصبر، الزهد والفقر، التأهب ليوم الحشر، وغيرها مما يجعل المصباح يتوهج ويتضاعف نوره مع كل إشراقة شمس ويغطي بذلك ظلماء الشرك ويطغى على جوى الفسق، ولا يروج على هذا النور أي شيء كان ولا يهيج في أي زمان.
أما القلب الثاني فهو القلب المشحون بالهوى المكلل بسوء الأخلاق، المشوه بكثرة الأرزاق، ففيه تصفد الملائكة وتقفل أبوابها، وتحرر الشياطين وتشرع نوافذها، فيضعف سلطان الهدى ويخبو نور اليقين حتى تنطفئ كل شموعه، ويصبح القلب هباء منثورا، ينجر بجوارحه لكل شهوة يراها، لا وجود له مع أنه ينبض في كل هنيهة، لقد أصبح في خبر كان في الدرك الأدنى وفي أسفل سافلين، لأن الجوارح تحركت على وفق الهوى فظهرت المعصية وأصبحت بينة كضوء الشمس، ولمثل هذا قال تعالى: "أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا، أم تحسب أن أكثرهم يسمعون ويعقلون إن هم إلا كالأنعام أو أضل سبيلا" [الفرقان: 43-44] ورب قلب نجده على هذه الطريقة يسري ووراء الشهوات يجري.
والقلب الثالث هو قلب تبدو فيه خواطر الإيمان وما إن يأتيه خاطر الهوى ليستدرجه إلى الشر يلحقه خاطر الهدى فيدعوه إلى الخير، وينتصر هذا الأخير، وبعدما يتحول الضعف إلى قوة، يمتزج حب الفضيلة مع الميل إلى الرذيلة ويتصارع المتصارعان في حلبة أرضيتها القلب، ولا يزال هذا الأخير يتردد بين الجندين إلى أن يتغلب الذي هو أجدر بالانتصار وأهل له، ورب قلب نجده سائرا على هذا الصراط ولأجل هذا ننص قوله تعالى في الآية 125 من سورة الأنعام بعد بسم الله الرحمن الرحيم: "فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء" ذلك لأنه من استطاع كدح الشيطان فهو المهتد وحق له أن يفرح، فلما تلا الرسول صلى الله عليه وسلم هذه الآية سئل: يا رسول الله كيف انشراح صدره؟ قال: إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح فقيل له: يا رسول الله فما علامة ذلك؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت [رواه الطبري]